Saturday 28 July 2012

أنا بنت ناس

انها السابعة وثلاث دقائق صباحاً ، النعاس يغلبني وكعادتي اعدل توقيت المنبة حتي الساعة السابعة و عشر كي أنعم ببضعة دقائق أخري قبل أن أهرول الي الخارج ، أفكر في آلاف الأشياء التي سأفعلها في يومي ، أسير وحدي كالانسان الآلي المبرمج.
نفس الروتين اليومي..أذهب الي أول الشارع كي أنتظر الميكروباص وبعده المترو..سأركب عربة السيدات وانزل من المترو لأركب تاكسي آخر..كم كنت أتمني أن امشي الي العمل فلا يتبقي في جيبي سوي بضعة فكة لا تستحمل التاكسي.. ولكن ما باليد حيلة كما يُقال.

عند وصولي مكتبي أفتح حقيبتي وأخرج زجاجة البرفان التركيب وأحاول جاهدة أن أتخلص من تلك الرائحة التي علقت بملابسي..التي لم أعد أعرف هل هي رائحتي أنا أم أحد السيدات اللاتي كن يقفن بجواري في المترو أم أنها طبقات الملابس التي اضطر لارتدائها يوميا فربما يتعرض لي أحد شباب المنطقة الساهرين منذ الأمس ، فعندما ينتهي تأثير الحشيش أكون أنا تسليتهم..فمنهم من يشرح لي شكل غرفة نومه ، ومنهم من يتباهي بضخامة عضوه ، ومنهم من فقط يسير ورائي بسرعة لاخافتي..

أحيانا أقول في سري أنهم : "غلابة عواطلية..ربما يحسدونني في سرهم لامتلاكي عملا بينما هم لا يعملون" !!
ربما يعرض علي سواق الميكروباص الثمل توصيلي "لحد باب الشغل" مزيناً العرض بكلام مثل : "يامُزة ، يا فرسة ، أو يكتفي بـ يا عروسة"

ربما أسلم منه فأكون سعيدة الحظ عندما يكتشف أحد الجالسين بجانبي أنني جزء من مقعده فيصبح صدري مسنداً لكوعه أو يده..أرمقه نظرة احتقار فيبادلني اياها كأنه يقول : " مانتي لو مكنتيش عايزة مكنتيش ركبتي جنبي" !!

أو ربما وانا منتظرة التاكسي تقف بجانبي سيارة ليست بفارهة ينط منها رجل أربعيني يطلب مني مرافقته ، وفي أسوأ الأحوال ينطلق موتوسيكل مسرع تمتد منه يد تضرب مؤخرتي وينظر لي صاحبها منفجراً في الضحك.

وربما أسلم من كل هذا ويمضي يومي فقط بكلمة جارحة أو لمسة غير مقصودة.

احقاقاً للحق – وحتي لا اوصف بأنني معقدة وعدوة للرجل - ليس كل رجال منطقتي في النهاية متحرشين.. ولكنهم صامتون !

لقد اعتدت علي مثل تلك الأحداث ، أصبحت لا تؤثر بي ، صرت لا أعرف هل هو خطأي والرجل ضعيف وأن المرأة أداة الشيطان وأن الذنب ذنبي وأنني ينبغي أن أحتشم واتشبه بالمتحجبات مثلما يقول أحد رجال ديني.. هل هو حقاً ذنبي وأنا أعمل جاهدة لأحسن دخلي وأنا أرتدي كل هذه الطبقات من الملابس في هذا الحر الشديد بينما لا ترتدي أخريات ربع ما أرتديه ويتمتعن بمكيفات الهواء؟؟

كم أحسد فتيات الـ اتش آر في الشركة..فهن لا يعرفن المواصلات ولا طبقات الملابس وآخر معلومات وصلتهن عن التحرش كانت من برنامج تليفزيوني يرصد حوادث التحرش !

أحاول جاهدة أن أبحث عن المبرر..أحاول اقناع نفسي بهذا الهراء عن أن المرأة هي السبب والضحية والجلاد في آن واحد بل واني أنا من يتحرش بهم ..آلاف الخرافات حتي صرت أكره كوني أنثي أو يمكن أن أقول صرت أكره كوني فقيرة !

فربما لو كنت أغني لما اضطررت أن اركب الميكروباص أو ربما صار شباب منطقتي من هؤلاء النشطاء – النُضاف- الذين يتحدثون مراراً وتكراراً عن كرامة المرأة ، وربما لو كانت ثيابي غالية الثمن لما توقفت السيارات.

أو ربما تعرضت للتحرش أيضاً فوجدت آلاف الوسائل لمقاضاة المتحرش وعرض قضيتي في التليفزيون بل وحشد الآلاف للتظاهر من أجلي وربما رفع من بالمظاهرة لافتة أو اثنين للمناداة بحق النساء الفقيرات.

وفي النهاية ستحمي الشرطة أماكن ولاد الناس وستعمل الدولة جاهدة علي تأمين سيارات الأجرة والطرق السريعة والمولات والمنتجعات السياحية علي أقصي تقدير..

نعم فكيف يجرؤ أي أحد علي التحرش ببنات الناس مثلي في بلد مثل بلدي

No comments:

Post a Comment