Saturday 28 July 2012

قولوا للي زوّر الصناديق يخاف

كتبتها علي انتخابات 2010

الانتخابات التشريعية في مصر 2010:

قولوا للي زوّر الصناديق يخاف

كما يعلم الجميع لم يفشل الحزب الوطني في التزوير علي مدى سنوات حكمه المباركي المديد، بل وطور من قدراته وابتكر اشكالًا جديدة منه. فتزوير انتخابات النظام المصري لم تعد تحدث علي طريقة إلقاء صناديق الانتخاب والإقتراع في الترعة وحسب كما شاهدنا في الأيقونة السنيمائية يوميات نائب في الأرياف- وهوما حدث بالفعل اليوم في دائرة الحامول حيث قام الأمن برمي صندوقا إقتراع من قرية أم الشعور في مصرف كوتشينر- فالأن نري الشطب والبلطجة، والتشهير ومنع المسيرات والمؤتمرات الانتخابية لمرشحي المعارضة والمستقلين والاخوان المغضوب عليهم، وهناك أيضًا منع المواطنين من الوصول إلى اللجان الانتخابيه بوسائل شتى مثلما حدث في دائرة الدقي في مدرسة هدى شعراوي منع الناخبين والمراقبين من دخول اللجنة، ناهيك عن رفض نظام مبارك القاطع السماح لمنظمات أو افراد من الخارج متابعة العملية الانتخابية، لأننا مثل الدول المحترمة التي لا تسمح بالرقابة ومع ذلك لا نزور انتخاباتنا على حد تعبير مفيد شهاب.

نموذج فريد من نوعه

الانتخابات البرلمانية 2010 نموذج انتخابات فريدة من نوعها، فالحزب الوطني ينافس فيها نفسه، بما يشبه النكتة السياسية التي لم تعد تضحك أحد، فنوادر الحزب كثيرة، أما ما يجعل نكتة منافسته لنفسه قديمة أمام الشارع المصري- بل وأمام الرأي العام العالمي- هو الخلاف الداخلي المكشوف بين الحرس القديم ومومياواته الذين يتساقطون تلك الأيام بتدخل من السماء(والأعمار بيد الله وحده) والمجموعة الجديدة المشتاقة للنصيب الكبير من الكعكة التي طال انتظاره.

وكما أن الحجر الداير لابد في يوم عن لطه، فإن الحزب الحاكم قد لط نفسه بنفسه بانقسامه الداخلي، وذلك منذ الانتخابات الماضية 2005، التي انقلب فيها اعضاؤه الذى رفض ترشيحهم ومن ثم خاضوا المعركة مستقلين ليفقد علي اثر ذلك ما يقارب 93 مقعد ذهب أغلبها لعدوه الألد جماعة الأخوان المسلمين التي مثلت نفسها في المجلس بعدد 88 مقعدًا . ولم ينقذه سوي مسارعة النواب المستقلين عنه بالعودة إلي احضانه فور فوزهم بمقاعدهم في تجسيد رائع لعبارة" مستقل على مبادىء الحزب الوطني". وقد آثر الحزب رضاء جميع الأطراف في الانتخابات الجديدة بأن يرشح اعضاؤه بالجوز. وحتى كوتة المرأة ليست سوى عدد اضافي يحاول الوطني كسبه في المجلس، عن طريق ترشيحه لشخصيات عامة وحزبية نسائية فى منافسة غير عادلة بالمرة مع سيدات مثلهم مثل جميع المرشحين الغير مرغوب فيهم وللأسف مقاعد كوتة المرأة تبدو مضمونة لصالح الحزب الوطني.

من أجل مستقبل أولادك

اتخذ الحزب الوطني شعار" من أجل مستقبل أولادك صوتك للوطني"، وهو يبدو كعبارة استفزازيه لشعب يأن من الفقر بما يشبه العبارات الإبتزازية التي نراها في الدراما عندما يقع شخص تحت طائلة تهديد، أو من أجل اقناعه بقبول رشوه إنتهازًا لحاجته المادية وإستغلالًا لفقره من أجل شراء ضميره.

قبل أن يزايد على مستقبل الأولاد، أولى به أن يبرر لنا حاضر الأباء الذين يسرحون يوميًا من عملهم جراء الخصخصة، والذين يقتلون في سلخانات الشرطة، والذين يرقدون على قنبلة الإحتقان الطائفي الموقوتة والمعرضة للإنفجار في أي وقت نتيجة لعب النظام بهذا الملف الشائك، والذي قد يتم حله ببضعة قوانين يمتنع النظام عن محاولة اقرارها لابتزاز الأقباط من أجل مزيد من تأميم الكنيسة واحكام السيطرة التامة عن أي معارضة سياسية وطنية بصوت قبطي. هؤلاء الأبناء الذين يزايد الحزب الوطني على مستقبلهم ويحاول ابتزاز الناس باسمهم يعانون من نقص التغذية الناتج عن تضخم اسعار السلع الأساسية، هؤلاء الأبناء الذين يموتون في مدارس وزارة تعليم مبارك على يد الأساتذة الذين انهاروا نفسيًا جراء ضعف المرتبات وظروف العمل السيئة، هؤلاءالأبناء الذين نقرأ صباح كل يوم في الصحف خبر انتحار احد آبائهم لعدم قدرته علي توفير مصروفات دراستهم أو اطعامهم، أو دفع فاتورة علاج لأماتهم أو زوجاتهم( في مستشفيات حكومة الحزب الوطني).

صفقات مشبوهة

لم يكتفي الحزب الوطني بعدم وضع اشراف قضائي على الإنتخابات، ومنعه لأي مراقبة دولية، والأكثر من ذلك اعتماده للبلطجة كوسيلة أولى للتنكيل بالمرشحين الشرفاء باعتداءات جسدية وتحرشات وتقطيع لللافتات، أيضًا بالاعتقالات اليومية لأعضاء جماعة الأخوان المسلمين. قام الحزب بعقد عدة صفقات مشبوهة مع أحزاب معارضته الداجنة، وعلى رأسهم التجمع الذي اتسق أخيرًا مع ذاته لتتجلى أخر فجاجات تحالفه مع الوطني فى انضمامه للبلاغ المقدم إلى النائب العام ضد جماعات الأخوان المسلمين، لإستخدامها شعارات دينية في الدعاية الانتخابية، بينما حليفه الوطني يستخدم آيات قرآنية وأحدايث نبوية وعلى رأسها" إن ينصركم الله فلا غالب لكم" وكأن المرشحين المنافسين زمرة من الكفار والمشركين، الأنكى من ذلك استخدام مرشحى حزب التجمع الأقباط لجدران مباني الكنائس التابعين لها بتعليق لافتات الدعاية الانتخابية، ولا أصدق أن التجمع بعد كل هذه السنوات لم يعى درس أن "المتغطي بالوطني عريان"، وليضع أمام الجميع شهادة وفاة مصداقيته ، من أجل تحاشي الخيبة التي لحقته في انتخابات 2005 حيث لم يستطيع أن يحصل علي أكثر من مقعدين.

من كوميديا الانتخابات ايضًا بحث عدة مرشحين في دفاترهم القديمة، كاستخدام المرشح رجب حميدة لقب الشيخ الذي تخلى عنه منذ زمن، وكالعادة تمت إطلاق الإشاعة بإنسحاب كل مرشحي الإخوان المسلمين ثم تكذيبها.

كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع من العالم كله، وخاصة الادارة الأمريكية الذي أصبح لسان حالها العبارة الشهيرة "وأكلم مين لما أحب خاطب شعب مصر"، في تذبذب واضح تجاه الوضع السياسي الداخلي في مصر، وقلقها على صفقاتها مع الحرس القديم. خاصة وتلك الانتخابات تسبق بشهور قليلة الانتخابات الرئاسية.

كانت معركة اليوم قوية أمام الجماهير المطحونة، المسلوبة الحقوق، المنتهكة الكرامة من العصابة الحاكمة. فالنظام بوجوهه القديمة في المجلس القادم، أو بوجوه جديدة تتبع نفس التوجهات وتسير على نفس النهج، لن يأتي إلا بمزيد من الفساد والسلب لثروات الناس، وحقوقهم الطبيعية في الملبس والمأكل والمسكن. لن تستطيع الجماهير التحكم في مصيرها سوى بالتفافها حول مرشحيهم الشرفاء ليعبروا عن صوتهم داخل قبة مجلس سوف يمتلىء بأعدائهم وسارقيهم مثلما فعل الآلاف الذين تجمهروا أمام منزل المرشح حمدين صباحى اليوم. معركة اليوم هي الخطوة الأولي تجاه الخطوة الأكبر ضد الحاكم الفرد. ضد السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية الذي يستطيع حل المجلس بقرار دون ابداء اسباب. ودفاعنا عن مقاعدنا خطوة أولي في طريق دفاعنا عن حريتنا وعن مستقبل ابنائنا

No comments:

Post a Comment