Monday 11 January 2021


عزيزتي سوكا...

يقولون 

‏" لا تشرح لأحد طريقة حبك، ولا طريقة حزنك، ولا الطريقة التي تكتب بها، ولا لماذا اخترت هذه الأغنية تحديدًا.. ولا لماذا تستيقظ في وقت متأخر من الليل، ولا لماذا لا تنسى..."

لكن، لدي تلك الرغبة الدائمة في مجرّد التحدث إليكِ... لا أحد له علاقة بكل ذاك... لا أحد سيفهم شيئًا من هذا... وحدكِ أنتِ من تسمعين وتنظرين لي باعتناء.

ويقولون أيضاً أنه لا بأس بقليل من الحزن في مقابل أن تتخذ قرارًا صحيحًا تبني عليه حياتك، فأحيانا تكون القرارات القاسية هي السبيل الوحيد لواقع أفضل.

أسأل قلبي وأسألك أن نحتمل سويًا كل شيء...

نون، ١١ يناير ٢٠٢٠

 

عزيزي، أنا أؤمن بالقول أنه الشيطان يكمن في التفاصيل، بالرغم من أنني كثيرًا ما أصاب بالنسيان. فعادة ما أنسى المقابلات والمواعيد الهامة التي لم أدونها ع الحائط بجانب سريري. لا أعلم ان كان ذلك نوعًا من الكسل أم الغباء، وربما مزيج من الاثنين!

لكن عندما يتعلق الأمر بتفاصيل من أحب، فتجدني أنسج أدق التفاصيل. الحب بالنسبة لي هو مجموعة التفاصيل الصغيرة التي تحفر في الذاكرة. تفاصيل عشناها سويًا. تفصيلة مثل قميص ذو رسمة ذات مغزى تقرر أن ترتديه في آخر مقابلة لنا. تفصيلة مثل مزحة سمعناها في فيلم شاهدناه سويًا وأصبحت أضحوكتنا السنوية في كل عيد! 
قرأت يومًا أنه إذا انتزعنا التفاصيل من السينما فلن يبقى سوى كاميرا حمقاء موجّهة بالصدفة إلى مكان ما. ويبدو يا عزيزي أن الحياة كلّها في التفاصيل!

Monday 2 November 2020

أنت، وبينك فلويد

 هل تعلم انه من يوم فراقنا لم أستمع لفرقتنا المفضلة، تلك التي وشمناها على ذراعينا كي لا ينسى أحدنا الآخر!

ربما أنا أخاصمها وأقول أنها السبب في الفراق. من اعتدت سماعهم عند شعوري بالحزن، فأنت تعلم كم أن أغنياتهم كانت تحسن مزاجي بشكل أو بآخر.

 

ينتفض قلبي عندما أطلب من الأصدقاء مشاركة موسيقى جميلة معي تساعدني على العمل، فيبعث لي أحد الأصدقاء بأغنيتنا أنا وأنت المحببة. كل نغمة يعزفونها ترسل لي رسائل مبهمة تأخذ حيزًا من تفكيري، ولكنك لست بها!


لم أكن مستعدة للوداع الآن، ولن أكن ابداً... طالما ظننت أننا سنتشارك فنجان قهوة ونفترق كصديقين، ويدور كل منا في عالمه.


منذ فراقنا وأنا أحاول ألا أخاطب أصدقائنا المشتركين وألا أتصفح صفحتهم الشخصية على الفيسبوك. فآخر مرة فعلتها، سمعت صوتك عبر أحد الفيديوهات، وهو ما كنت أتجنبه، لعلي أنسى ذلك الصوت.


أشعر بالغربة كلما فكرت أنني لا أعلم ماذا تفعل في يومك. أصبح كل منا في عالم بعيد عن الآخر، تفصل بيننا القارات والمحيطات، طُرق أصبح من الصعب انها تتلاقى.


أتعلم، كنت أتابع صفحتكَ الشخصية بحساب آخر، أرسلت لك رسالة وندمت، وتحدثت مع أصدقائنا المشتركين لمجرد الشعور بأنك بجانبي. كنت في أمس الحاجة لسماع صوتك، كنت أستيقظ لأرسل لك رسالتنا المعتادة في نفس الوقت، ناسية تماماً أنك قمت بحظري. مرت أيام كانت عبارة عن أنين وصراخٍ صامت، ولم أجرؤ أن أستمع لقائمة أغنياتنا المفضلة، ثم يأتي الظلام مُحمّلاً بخيبة جديدة من اليأس.


اقترب عام كامل على الانقضاء منذ فراقنا، لم أجرؤ حتى الآن على حذف كل الصور التي تجمعنا، ولكني طلبت من الحياة أن تشغلني عن طريقك. كنت على استعداد أن أغفر كل ما حدثَ من تصرفاتك الطائشة والمتعَمَدة ليحدث هذا الفراق.


حاولت صنع دوائر جديدة حيث كل من بها لا يعرفونك، ولكنهم يعرفون فرقتنا المفضلة! فأصبحت أراك في كل جلسة أو سهرة نستمع فيها إليهم... كل الذكريات تنهال عليّ في ثواني معدودة. تذكرت أول مرة استمعنا إليهم سويًا، تذكرت أننا استمعنا لنفس الأغنية لمدة ١٠ مرات على التوالي، تذكرت ضحكنا سويًا في تلك اللحظة. ولكني الآن اسمعها وحدي، وأنت لست معي.

 

أنت تعلم أنني من أولئك الذين لا يعرفون النوم إذا انتقلوا من غرفة إلى أخرى، وأحتاج إلى عدة دقائق حتى أتأقلم مع وسادتي الجديدة ومع عدم وجودك بجانبي أيضًا. كنت تعرف جيدًا اهتمامي بأدق التفاصيل، بل كنت تعلم تفاصيلي، الآن ليس لدي الطاقة الكافية لأشرح تلك التفاصيل من جديد لأحد.

 

أحاول الانشغال عن افتقادي لك بأشیاء تافھة، بسماع حكایا غیر منطقیة أفقد تسلسلھا... ولكنني أجد نفسي أكتب لك، بالرغم من أنني لم أجد أسباباً تقنعني بالمغفرة لك على عدم وجودك بجانبي في أسوأ أيامي كما تعودت، ولكنني غفرت!

أكتب لك لأنني لا أجد من يفهم تفاصيلي سواك، ولأن لدي الكثير من الحكايات.

أكتب لك لكي تخبرني أن كل شيء سوف يكون على ما يرام، وأنني أستطيع أن أفعل كل هذه الأشياء المستحيلة، لأنك تثق بي.

أكتب لك بينما أستطيع سماع أغنية Hey You في أذني، التي تبدأ بعزف تمهيدي هادئ للجيتار، والكلمات توجه هذا الخطاب لك: "أنت يا من تزداد وحدتك ويكبر سنك في هذا البرد... هل تشعر بي؟"

Monday 10 February 2020

أبي،
لا أعلم لماذا أقرأ كثيرًا عن الغربة الآن، خاصة وأني قد عاهدت نفسي ألا أفتقد شيئًا. فكثيرًا ما وددت الهرب إليك كلما فاجأتني الحياة بأمر ما، ولكنك لست هنا. رحلت سريعًا، وبدأت غربتي في منزلي. لم أستطع أن أتخذك قدوتي، فلا أستطع القول أني كنت متفوقة في دراستي. كنت بالكاد أنجح. رغبت في ممارسة أبوّتك علي؛ مثل أن تمنعني من الذهاب لمكان ما أو تؤنبني لتأخري، أن تسأل عني وقد غادرت لتوي من ربع ساعة، وتغلق الهاتف في وجهي قبل أن أكمل حديثي. 

وعندما اشتد عودي، ابتعدت عن كل ما يذكرني برحيلك، عن جدران تلك الغرفة التي كانت تعكس صوتك، عن ذلك المنزل الذي يحمل اسمك على يافطته.
اضطرتني الظروف للذهاب مجددًا لذلك البيت الذي حاولت الهرب منه في الآونة الأخيرة، حتى أن الغبار قد احتل كل تفاصيله. البيت الذي كان عامراً بالحياة منذ أكثر من عشرين عامًا. كان يجب أن أقوم وحدي بعملية الإخلاء، وأن ألملم أشيائنا كلها منه. عندما اقتربت من الانتهاء، نظرت إلى المرآة في وسط المنزل، وجدتها مغبشة من كثرة الغبار، مسحتها بقطعة قماش، ثم ألقيت نظرة أخيرة على تفاصيل البيت. وقفت في وسطه، نظرت إلى غرفتي، غرفتك، الصالون، غرفة المعيشة، وأغمضت عيناي مودعة البيت وكأنني أودع صديقًا عزيزًا. ورحلت.
أخذت معي بعض من أشيائك، ساعتك، نظارتك الشمسية، بعض الصور القديمة لك في هذا البيت الذي ولدت به. ظل السؤال يراودني وقتها: "هل تحزن أشيائهم عليهم بعد رحيلهم؟" انتبهت عندما وجدت ساعتك تعمل بكفاءة، بالرغم من مرور ٢٤ عامًا! طبعت قبلة عليها، ودسستها في حقيبة سفري كي تلازمني.

لن أخبرك عن آلامي وأحزاني وعن ضربات الحياة وخيبات الزمن والأحباب حتى يومنا هذا. لا أريد منك أن تقلق لأجلي فابنتك قوية، حسنًا، أعترف لك أنني لست قوية إلى ذلك الحد.

أحيانًا أشعر أنك تعيش بداخلي في تفاصيل صغيرة أقوم بممارستها مثلما كنت تفعلها أنت أيضًا. ربما ورثتها منك أيضًا. ربما أيضًا ذلك بسبب حرص أمي على فعل الأشياء بطريقتك وأن تجعل الأشياء تجري كما خططت ورسمت أنت.
يقولون أنني أحمل شكلك وورثت منك سمات وجهك. أبتسم في كل مرة يُطلب فيها مني ذكر اسمي، أتذكر أنك أنت من منحني هذا الاسم وأنطق اسمك معه. 
لا أحب في هذا البلد نطق اسم جدي واقترانه بإسمي في كل الأوراق، فأنا لا أعرفه إلا من صورته المعلقة بالصالون وبإحدى الجمعيات الخيرية. أعدك بتغيير ذلك الاسم لاحقًا، حتى ولم يستطع الناس هنا نطقه بسهولة.

أبي، رأيت مرارًا ذلك ال "بوست" على شبكات التواصل الاجتماعي قائلًا: "أحدهم يحكي عنك كأنّك أعظم انتصاراته" هل أنا هي؟ 

لست أدري لماذا بعد كل هذه السنين من فقدك لازلت أول من يزورني طيفه إذا تملكني الحزن، فأردد: "فقط لو كان أبي هنا." أرهقتني الحياة. السير وحدي يرهقني. والآن أحمل غربتي لأوطان أخرى، متجولة بشوارعها، أحملق في وجوه ناسها علي أرى وجه يشبهك. يقولون أنه "في الغربة خصصوا مكاناً لكل شيء إلا البكاء"

ربما لو كنت رحلت دون وداعك فقد يكون هناك أمل في اللقاء، فأنا مؤمنة أن "اللقا نصيب".

أكتب سطوري، ثم أستعد لممارسة مهام حياتي اليومية الجديدة، محاولة أن أصنع لنفسي روتينًا، لعلي أتناسى. وتظل صورتك في محفظتي.




Friday 3 January 2020

The Broken Chair



قدام ساحة الأمم المتحدة عملوا تمثال ضخم لكرسي بثلاثة أرجل فقط، والرابعة مكسورة. الكرسي ده أحد أهم معالم جنيف الحديثة (اللي هي بالمناسبة مش كتير يعني). التمثال ده رمز لضحايا الألغام اللي فقدوا أطرافهم...
كرسى عملاق بيحمل رسالة للعالم وبيطالب بوقف استخدام الألغام اللي شوهت حياة ناس كتير... وكتير من الوقفات الاحتجاجية بتتعمل قدام الكرسي ده... جينيف مدينة بيزورها سياسيين من كل أنحاء العالم، دي رسالة ليهم...

**التمثال موجود قدام مقر الأمم المتحدة، محطة ترام Nations



Life goals!
 البنت دي عملت ٢٠٠ رحلة قبل عيد ميلادها ال ١٢!!



Thursday 1 June 2017

أصبحت هي موطنه وهو ساكنها الوحيد

أتى مثقلاً بذاكرته المتعبة
هو... من اعتاد أن يمارس عادات الرحيل والنسيان ببراعة متناهية، سريع الملل لا يتحمل المكوث كثيراً بأرض واحدة، تابعاً للشمس اينماً حملته، لا يقترف الحب، بل الليل.
وعلى غير العادة ترعرعرت مدينة كاملة قبل نهاية نهار ذلك اليوم. كانت جميلة آخذة، تحمل كل ملامحه ويحمل كل حنينها، كأنها نَمَت لتكون له وطناً.
كان فرحاً بها كطفل لم ير مدناً من قبل، يلهو فى الضوء كفراشة تستطعم الهواء والنور، يغتسل منها بالسكينة المصفاة من الزحام له وحده. تَشَرّب جسده كل الجمال الذى وجِد، فوجدت روحه تلك الارتجافة التى يشتاقها حين تلامس روحه أبواب السماء.
ثم غفا على راحتين من سلام لوقت غير محسوب، وحين استقيظ لم يعزم هذه المرة على الرحيل، فاختارها وطنا له!